الاثنين، سبتمبر 05، 2011

لاهوت إِلْمَار زالْمَن


لاهوت إِلْمَار زالْمَن
The theology of Elmar Salmann



السيرة
وُلد إِلْمَار زالْمَن في 12 أيّار (مايو) 1948 في هَاغِن Hagen (ألمانيا). أكمل تحصيله العِلْميّ، في الفلسفة والأدب واللاهوت، في جامعات ـادِرْبُورْن Paderborn (ألمانيا)، وڤيينا (النّمسا)، ومُونْسْتِر Münster (ألمانيا). دخل عام 1973 السِّلْك الرُّهبانيّ، فصار راهبًا بينديكتيًّا في دير غِرْلِـڤِـه Gerleve (في مُقاطعة ڤِسْتْفَالْيَا Westfalia الألمانيّة).
يُدرِّس، مُنذ العام 1981[1]، الفلسفة واللاهوت العقائديّ[2] Systematic Theology or Dogmatics في جامعة القدّيس أَنْسِلْمُو الحَبْريّة (رُوما) The Pontifical University of St. Anselm ، وفي الجامعة الغريغوريّة الحَبْريّة (روما) The Pontifical Gregorian University، وفي مدرسة الفلسفة العُليا (مونيخ) Munich University of Philosophy.
يهتمّ زالْمَن بالشِّعر واللاهوت، وبالعلاقة بين الديانتَيْن اليهوديّة والمسيحيّة، وبين الحداثة والمسيحيّة. يُساهم في العديد مِن المحافل والمُناقشات، حتّى في إطار غير-كنسيّ، بما في ذلك نُورْمَالِه دِي بِيزَا la Normale di Pisa، وهو فريق أبحاث ودراسات، ترعاها مجموعة مِدْياسِت Mediaset، تهتمّ بالعلاقة بين الأخلاقيات والإعلانات.
زالْمَن مُفكِّر مسيحيّ ولاهوتيّ حديث ومُعاصِر... مُحاضِر وكاتب... تتمحور أهمّ المواضيع الّتي يُعالجها في كتاباته على: العلاقة بين الخُبرات الإنسانيّة والرمزيّة، والعلاقة بين المسيحية والثقافة الحديثة، بين التصوُّف والفلسفة، بين نظرية النعمة وعِلم النفس: يقوم بدراساته مِن خلال المقارنة بين فلاسفة (إيمَّانويل كَانْت Immanuel Kant، فْرِيدْرِيش هِيغِل Friedrich Hegel، سُورِين كِيرْكِيغَارْد Søren Kierkegaard، فْرِيدْرِيش نِيتْشِه Friedrich Nietzsche، مَارْتين هَايْدِغِر Martin Heidegger، إيمَّانويل لِيڤِيناس Emmanuel Levinas...)، ولاهوتيّين (تُومّازُو الأكوينيّ Thomas Aquinas، كَارْل رَاهْنِر Karl Rahner، هنْري دُو لوباك Henri de Lubac، كَارْل بارْت Karl Barth، هَانْز أُورْز فُون بَالْتَازَار Hans Urs von Balthasar، إيوغِن دْرِڤِرْمَن Eugen Drewermann، إِبِرْهَارْد يُونْغِل Eberhard Jüngel...)، دُون أنْ يتخلّى عن نعمة الشُّعراء (جُورْجُو كاپْرُوني Giorgio Caproni، إِيُوجِينْيُو مُونْتَالِه Eugenio Montale، كَامِيلُّو زْبَارْبَارُو Camillo Sbarbaro، خُورْخِي لُوِيس بُورْخِس Jorge Luis Borges، فِرْنَانْدُو ﭙِسُّوَا Fernando Pessoa...).
يخلق زالْمَن مذهبًا لامعًا باهرًا رائعًا، يستثير به قارئَه، بقدرته على مُعالجة جوانب كثيرة، على الرغم من أنّه لا يحلّ سوى عِقَد قليلة. فيه يُقدّم المسيحيّةَ على أنّها ديانة الجسد المُثخَن بالجراح، فيقوم بجولة دراسيّة في الكتاب المُقدَّس والتقليد الكنسيّ لتسليط الضوء على هذا الجانب. ويُشير إلى أنّه ثمّة مُحاولات في اللاهوت لدمج واقع الجسد فيه، بَيْدَ أنّه يُلمِّح إلى التباس مفهومه، والذي ما زال أكثر غموضًا من الروح.
يسعى لاهوت زالْمَن للتحقُّق من إمكانية عيش أسلوب حياة وفكر مُسْتَوحَيَيْن من الديانة المسيحيّة، من دُون التخلّي عن أنْ نكون أبناء عصرنا. وبعبارة أُخرى: لا تزال هُناك إمكانيّةٌ في أنْ تكون "أسرار" Mysteries المسيحيّة الأساسيّة أرضًا خصبة لثقافة مُجتمع مِثل مُجتمعنا المعاصر، حيث يبدو أنّه من العسير المُطالبة بالعيش والتفكير وفقًا لمعايير الإيمان المسيحيّ؟ لا يزال هذا السُّؤال جائزًا اليوم، وفي جميع بلدان العالَم، في وقت تبدو فيه العولمة الإقتصادية وكأنّها أضحت ديانة الإنسان الجديدة. يُطلق زالْمَن تحديًّا مِن أجْل نمط حياة مسيحيّ صافٍ وفي الوقت ذاته صالح لحياة إنسانيّة حقّ؛ ويُبيّن كيف أنّ اللاهوت هُو بناء ثقافة، والإيمان: يدرس العلاقة بين الانسان والله، في الأفعال والرُّموز واللُّغة، الّتي تُستخدَم للتعبير عن سعي دؤوب في التفتيش عن الحقيقة من قِبل الإنسان، وَهِبَة الخلاص الّتي لا يكلّ الله في تقديمها إلى الإنسان.

بيبليوغرافيا

 

Anna Katharina Emmerick - ihre mystische Existenz aus nachmoderner Sicht. 2007. (collaboration avec: von Clemens Engling, Günter Scholz, Nicole Priesching, Carl Möller, Wolfgang Frühwald).

Contro Severino. Incanto e incubo del credere. Casale M. 1996.

Cur Deus Homo: Atti Del Congresso Anselmiano Internazionale Roma, 21-23 Maggio 1998. (collaboration avec: Paul Gilbert, Helmut Karl Kohlenberger).

Der geteilte Logos: Zum offenen Prozess von neuzeitlichem Denken und Theologie. Roma 1992.

Die Vernunft Ins Gebet Nehmen: Philosophisch-Theologische Betrachtungen. 2000. (collaboration avec: Joachim Hake).

Emmerick und Brentano: Dokumentation eines Symposiums der Bischöflichen Kommission "Anna-Katharina Emmerick". 1983. (collaboration avec: von Wolfgang Frühwald, Peter Hünermann, Winfried Woesler, Bernd Wacker, Renate Moering, Hubert Larcher, Basilius Senger, Clemens Engling, Heinrich Schleiner).

Filosofia E Mistica: Itinerari Di Un Progetto Di Ricerca. Roma 1997. (collaboration avec: Aniceto Molinaro).
La teologia è un romanzo. Milano 2000.

La Teologia mistico-sapienziale di Anselm Stolz. Roma 1988. (collaboration avec: Gerardo J Bekes, Benedetto Calati, Anselmo Lipari).

L'Attualità filosofica di Anselmo d'Aosta. Roma 1990. (collaboration avec: von Carlo Huber, Aniceto Molinari).

Le ragioni della fede. Come credere oggi. 1997. (collaboration avec: Colzani Gianni; Giustiniani Pasquale).

Le ragioni della fede. Come credere oggi. Milano 1997.

Mysterium Christi: Symbolgegenwart und theologische Bedeutung. Festschrift für Basil Studer. Roma 1996.  (collaboration avec: Magnus Löhrer).

Neuzeit und Offenbarung. Studien zur trinitarischen Analogik des Christentums. Roma 1986.

Passi e passaggi nel Cristianesimo. 2009.

Patrimonium Fidei: Traditionsgeschichtliches Verstehen Am Ende? Festschrift Für Magnus Löhrer Und Pius Ramon Tragan. Roma 1997 (collaboration avec: Magnus Löhrer, Pius-Ramon Tragan, Marinella Perroni).

Presenza di spirito. Il cristianesimo come gesto e pensiero. Padova 2000.

Scienza e spiritualità. Affinità elettive. 2009.

Wir sehen jetzt im Spiegel rätselhaft: Otto von Simson zum Gedächtnis. 1996. (collaboration avec: von Reiner Hausherr, Wieland Schmied, Gottfried Boehm).

Zwischenzeit: Postmoderne Gedanken zum Christsein heute. 2004.



تصوُّرات لاهوت إِلْمَار زالْمَن الأساسيّة
The Fundamental Perspectives of Salmann’s Theology

1. لَمْ يَعُد الايمان مفهومًا في ذاته وبحدّ ذاته ولذاته. فإنّنا بحاجة، في نهاية العصر الحديث، إلى إعادة تفسير السّرّ Mystery  المسيحيّ  'من الخارج'، بحيث تُعاد صياغة قوانينه وملامحه، ولكنْ مع إنقاذ أفضل أجزاء التقليد الكنسيّ والفكر المُعاصِر: اللاهوت بمثابة مدرسة ترميم وصيانة وإنقاذ.

2. تُعالَج كُلّ فكرة مِن منظور مُزدوج: أوّلاً انطلاقًا مِن اللاهوت الأساسيّ The Fundamental Theology الّذي يستكشف الطريق المُؤدي إلى معقوليّة السّرّ، فيلتقط ضوءه الخارجيّ؛ واللاهوت العقائديّ الّذي يُبيّن نُوره الداخليّ الجوهريّ، وجماليّة الوشائج بين الأسرار ومنطق الوحي الإخلائيّ Kenotic. كي تتحقّق ماهيّة اللاهوت، وباليُونانيّة ثيو-لوجيا Theo-logy, θεο-λογία (theo-logia) ، وهو التشابك والترابُط ما بين استكشاف خبرة الحياة المُعاشة الذاتيّ مع العقل ومع الوحي.
3. يحتاج مِثل هذا اللاهوت إلى عدّة استهلالات أو نقاط انطلاق: مُحاولة توفيق بين النّهج المُتسامي The Transcendental Style (رَاهْنِر)، والثالوث-إخلائيّ Trinitarian-kenotic (بَالْتَازَار)، والرُّؤيا الأُونطولوجيّة الكلاسيكية The Ontological-classical View (الآباء اليُونان)، وتلك المأسا-تاريخيّة The Historic-dramatic (اليهوديّة)، والتاريخ بوصفه مُفسِّر الرُّوح/العقل History as the Exegesis of the Spirit (هِيغِل)، والنظرة الواقع-تخيُّليّة Concrete-eidetic Glance (يُوهَان ﭭُولْفْغَانْغفُون غُوتِه Johann Wolfgang von Goethe).
هُناك دائمًا تساؤُل جوهريّ وأساسيّ: ماذا يحدث؟ في هذا السياق ما هو صحيح ظاهراتيًّا  Phenomenologically؟ وكيف تكون ظاهرة ما مُترابطة ومُتواقفة على بقية الظواهر، أي ضمن مجالها الأوسع (البُنيويّة Structuralism)؟: اللاهوت بمثابة مدرسة بصر ورُؤية.
4. يتمحور كُلّ شيء على أُونطولوجيا ثالوثيّة مع تركيز على الپنِڤْماتولوجيّا Pneumatology. يسعى زالْمَن إلى أنْ يُسلِّط الضوء على الرابط الشكليّ والدراميّ بين الثالوث، والتجسُّد، والصليب، والخلق، وأُونطولوجيّة جسد المسيح البُنيويّة، وداخلية الإنسان الميستيكيّة والبسيكولوجيّة.
5. لا يُقيم زالْمَن مذهبًا عِلْميًّا مُغلَقًا أو مُنغَلِقًا على ذاته، بل يُحاول أنْ يُحفِّز القارئ أو الطالب أو الباحث كي يجد التناغم بين ثقافته الخاصّة مع الإيمان؛ بين نوع ذكائه الشخصيّ، وبلغته وأسلوبه، مع عالَم الأسرار. مِن هُنا تجيء منهجيته في الامتحانات: يستطيع كُلّ طالب وينبغي عليه أنْ يُعدّ عملاً يتضمّن رُؤيته الشخصيّة في المادّة موضوع الامتحان.
6. ينطوي مِثل هذا اللاهوت الحِكَميّ Theology of 'Wisdom'  على بعض قوانين شكليّة:
أ) لا تُستنفَد أيّ ظاهرة بذاتها، ولا تُستَوعَب في حَدّ ذاتها، بل تتبيّن على أنّها مُفارَقة في ذاتها، وقُطبيّة وجُزء من حقل نُخبويّ، وتتميّز بجدليّة القُرب والابتعاد بالنسبة للآخَرِين. هُنا يُعاد اكتشاف كُلّ شيء على ضوء نقيضه: النّعمة مِن خلال هاوية الخطيئة، ولا يَجِد الذَّنْب معياره الوحيد إلاّ في النّعمة... المُحور الأوليّ واالنهائيّ: سرّ الثالوث، حيث الوحدة المُطلقة والتّنوُّع المُطلَق؛ والخريستولوجيّا: إنّ الشخص نفسه مُكوَّن مِن علاقتَيْن أساسيَّتَين اثنتَيْن. لهذا نحتاج إلى لمسة مُتْقَنة لا تَفْصِل بين الظواهر ولا تخلطها، بل تُميِّزها وتُوحِّدها وتُفرِّق بينها في الوقت نفسه. ومِن ثَمّ فإنّ دُستور مجمع خلقيدونيا Chalcedon هُو علامة الأُونطولوجيا الفارقة ونظرية المعرفة في اللاهوت. مِن هُنا نرى أنّ لاهوت زالْمَن يتحرّك لولبيًّا، فيقترب باستمرار مِن المركز، المُتعدد الأقطاب، مِن زوايا مُختلفة ولكنّها مًتكاملة.
ب) كل ظاهرة لها بُعدان الأوّل رمزيّ والآخَر ظُهوريّ Epiphanic، إنّها علامة انفتاح على العالَم بأسره، وحُضور غياب الله، ونُقطة تحوّل نحو فصح (Pascha) الكلمة Logos. يظهر الله في كُلّ شيء، في كُلّ مُفكِّر... بوصفه حُضور اللامُختلف في غَيْريَته الكُلّيّة the presence of non-aliud, and in this totally other، وفي الغَيريّة المُطلَقة. مِن هُنا تظهر نسبيّة كُلّ كائن/كيان وخفّته وثِقَله وأصالته وشفافيته. قد يكون كُلّ شيء سرًّا (Sacrament) نستلهِم مِنه، مِن حيث تنبع حُرّيّتنا. ويُشكِّل التاريخ المُقدَّس والكتاب المقدس حالة نموذجية لهذه العمليّة/المسيرة، الّتي يسعى زالْمَن إلى بسطه واقتفاء أثره في تاريخ الفكر وتاريخ الكنيسة.
ج) لا شيء ثابت/جامد، ولا يُمكن أن يُفهَم أيّ شيء إلا مِن خلال عمليّة استحالة مُستمرَّة في/صَوْب الحُبّ. الصُّورة البدائيّة، والحيّز الذّي يستوعبنا، كُلّ هذا عمليّة استحالة. ويسعى اللاهوت إلى إتّباع هذه العملية لجعلها معقولة ومُقنِعَة ولفهم المحبّة التي تُدركنا وتستوعبنا.


جنب البشرية المفتوح - طيّات الأبدية
مُحرِّكات لاهوت إِلْمَار زالْمَن الثقافيّة
THE OPEN SIDE OF HUMANITY - THE CREASES OF THE INFINITY
CULTURAL ENGINES OF ELMAR SALMANN'S THEOLOGY

هذه بعض المقولات والمناهج التي تُشَكِّل لُبّ لاهوت زالْمَن، عليها يقوم أساس لاهوته، وبها يصوغ لاهوته حتّى يتمظهر مُلتقى-الطُّرق بين المحدود والمُطلَق، بين الوُجود الإنسانيّ وإمكانية الاعتراف مع/بـ الله، أو مع بعض الأسباب التي أدّت إلى أن يظهر السّرّ المسيحيّ بهذه الطريقة– بمثابة أساس وعلّة:
1. نهج خصب، سِحريّ أُسطوريّ- فِتنة الاستحالة المشؤوم Luxuriant, mythological, magical - the sinister charm of metamorphosis: "سْتِيفانُو دَارِّيغُو" Stefano d'Arrigo وكتابه 'هُورْتشِينُوس أُورْكا' Horcynus Orca – على خُطى "هِيرمان مِيلفيل" Herman Melville. "جِزْوَالْدُو بُوفَالِينُو" Gesualdo Bufalino ('إلى أَجَل غير مُسمَّى' Kalendas Graecas، وبخاصّة العبارة الافتتاحية في قصيدة 'السِّيرة' ووصف الولادة، 'كذبات الليل' The Night’s Lies). وينبغي ألاّ ننسى أنْ نأخذ بعين الاعتبار سِحر 'سيّد الخواتم' The Lord of the Rings، و'هارّي بُوتِر' Harry potter، وروايات "غابرييل غارسيا ماركيز" Gabriel García Marquez، وشخصيّة "فِرْنَانْدُو ﭙِيسُوا" Fernando Pessoa الباروكيّة والمُتعدِّدة-الشّخصيات polifrenic، وكذلك "كِييس نُوتِبُوم" Cees Nooteboom ('الفردوس المفقود' Lost Paradise، الملائكة! 'يوم الأموات' All Souls Day).
2. نهج مُشَكِّك، استطلاعيّ إيجازيّ Skeptical-laconic-aporic: قصائد "إِيُوجِينْيُو مُونْتَالِه" اللاأدريّة والمليئة بالألم والقلق (مجموعة القصائد، موندادوري Mondadori  1984، 827-876)؛ "جُورْجُو كَاﭙْرُونِي" و"فِرْنَانْدُو ﭙِسُّوَا" ِثل مجموعة 'تعدُّديّة واحدة' Una sola moltitudine 11/79 وما يلي).
3. نهج مُشَكِّك-سياسيّ-وثائقيّ-حِكَميّ Skeptical-political-documentary-essay: الحياة مقولة ومُحاولة مليئتَيْن بالآلام، غير أنّها ذات آفاق مفتوحة...، "لِيُونَارْدُو شَاشَا" Leonardo Sciascia  ('أسْوَد على 'أسْوَد' Black on Black، 'كلمات مُتقاطعة' Crossword، 'في وطن الخائنين' In Partibus Infidelium...)؛ "كْلاَوْدْيُو مَاغْرِيس" Claudio Magris ('الدانوب' Danube، 'يُوتوبيا والخُروج مِن الوهم' Utopia and Disenchantment، 'عوالم صغيرة' Microcosms، والروايات)؛ "جِيزْوَالْدُو بُوفَالِينُو"  Gesualdo Bufalino ('خداع الكلمات' Bluff of Words).
4. نهج رُؤيويّ-نُهيويّ: قراءة العالَم على ضوء القيامة المُبهَم، "إِلْسا مُورانْتِه" Elsa Morante ('القِصّة' History، 'أراكُويلي' Aracoeli)؛ "سَاﻠْﭭَاتُورِه سَاتّا" Salvatore Satta  ('سرّ المحاكَمة' The Mystery of The Process؛ 'يوم الدينونة' The Day of Judgment). ولا تزال تصوّرات "فْرِيدْرِيش دُورِّنْمَات" Friedrich Dürrenmatt ذات قيمة غير محدودة. وتبرز بطريقة مُؤَثِّرة مسألة العدالة الإلهيّة "الثِيُودِيسِيا أو الثِيُودِيكِيا" Theodicy المُرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمسألة وُجود الشّرّ وحلّها: جُوﭭَانِّي دَالِيسَّانْدْرُو Giovanni D'ALESSANDRo ('إله يُرثَى لحاله' If A Pitiful God).
5. نهج نابع من جفاف الفينومينولوجيا-السِّيرة الذّاتيّة مع انفتاح على تفسيرات دينية مُختلِفة Phenomenological-biographical dryness with an opening to an another piety: "لاَلاَّ رُومانُو" Lalla Romano ('في بحار قاصية'  In Extreme Seas؛ 'الرجل الذي تكلّم وحيدًا' The Man Who Spoke Alone ؛ 'حُلْم الشمال' A Dream of The North)؛ "جُوزِﭘـِـه ﭘُونْتيجَّا" Giuseppe Pontiggia ('الليلة العظيمة' The Great Night؛ 'مولود مرَّتَيْن' Born Twice، 'الشخص الأوّل' First Person، ودراساته ومقالاته...)؛ مجموعات "جُوزِﭘـِـه أُونْغَارِتِّي" Giuseppe Ungaretti الشِّعريّة المنظومة على إيقاع موسيقى أُسطوريّة-السيرة الذاتيّة؛ "لُوِيجِي دَالاَّﭘيكُّولا" Luigi Dallapiccola؛ "أُومْبِرْتُو سَابَا" Umberto Saba (على سبيل المثال قصيدته 'الماعز' The goat).
6. نهج سويدائيّ-مُشَكِّك-هذيانيّ، باحثًا من أسفل Melancholic, looking from below, doubtful-delirious: "نَاتَالْيَا جِينْتسْبُورْغ" Natalia Ginzburg  ('يجب ألاّ تسألني أبدًا' Never Must You Ask Me: في الإيمان بالله أو عدمه؛ 'الفضائل الصغيرة' The Little Virtues، 'أقوال عائليّة' Family Sayings)؛ وقصائد "كاميلُّو زْبَارْبَارُو" Camillo Sbarbaro ('شظايا' Shavings، 'بقايا' Scampoli...).

                                                                     
7. نهج ميتافيزيقي، لامحُدود ومُلغَّز Metaphysical, boundless, enigmatic: روايات "جُوزِيـﭘـِـي أُو. لُونْغُو" Giuseppe O. Longo ('البهلوان' The Acrobat، 'هَرَميّة أكِرْمان' The Hierarchy of Ackermann، 'عن بِضعة آثار أقدام على الثّلج'  On few Footprints on the Snow: إيروس، والموت، والرياضيات، وأوروبا الوسطى)؛ وعلى خلفية "فْرَانْتْس كَافْكَا" Franz Kafka، و"دِينُو بُوتْسَاتِي" Dino Buzzati؛ ووَجْه القانون المُقَطِّب الأسارير وغير القابل للجدال وفقًا لـ "ساﻠْﭭاتُورِي ساتّا" Salvatore Satta .

8. نهج غنوصيّ-لاأدريّ Gnostic-agnostic: "رُوبِرْتُو كَالاَسُّو" Roberto Calasso ('أطلال كاش' The Ruin of Kasch، 'زواج كادموس وهارمونيّا' The Marriage of Cadmus and Harmony)؛ "ماسِّيمُو كَاتْشَّارِي" Massimo Cacciari ('الملاك الضروريّ' The Necessary Angel؛ 'إيقُونات القانون' Icons of The Law؛ 'عند كنيسة ستاينهوف' By Steinhof).
                                                                     
9. نهج نبويّ مُوجِع وسريّ Prophetic-anguished, Mystagogical: "مَارْيُو لُوتْسِي" Mario Luzi ('كتاب هيباتيا' The Book of Hypatia، 'مِن أجْل معمودية فتائتنا' Baptism of Our Fragments)؛ "دَافِيدْ مَارِيَّا تُورُولْدُو" David Maria Turoldo وقصائده ('الأغاني الأخيرة' The Last Song)، مِيكِيلِه رانْكِتِّي Michele Ranchetti وقصائده ('المَحْضَر' Verbal، 'العقل الموسيقيّ' The Musical Mind، ومقالاته ('الكهنة الأخِرون' The Last Priests، وكتابات أُخرى).
تظهر المسيحية، في هذه المناهج، بوصفها دافعًا ومُحرِّكًا، وأُفُقًا له معالمه الواضحة، بَيْدَ أنها موضوع خلاف؛ وتبدو كذلك بوصفها حقل ألغام ومهماز وخميرة، وهي تحتاج إلى قراءات مُتعدِّدة، عكس الضوء وفي الاتجاه المعاكس، وهذا ما يُتيح للمسيحية أن تُعيد مِرارًا وتكرارًا قراءة العالَم عكس الضوء.
وقد يبدو الواقع كأَثَر لإله مندَثِر قديم بائد، والمؤمنون كمُنَجِّمين، وصُورة السّرّ بمثابة حقل ألغام ومجال اكتشاف، وهذا ما يُثري كيفية تفسير الحياة وطريقة إدارتها.

مُحرِّكات خريستُولُوجيّة إِلْمَار زالْمَن اللاهوتية

THEOLOGICAL ENGINES of the Christology of elmar SALMANN
  

تمهيد

يرى زالْمَن المسيح ويعتبره كشخصية ورمز وحَدَث، ويُمثِّل بالنسبة له ويُشكّل ويعكس نموذج المُصالحة والمُؤامة بين الحُب والحُرّيّة، بين المُتناهي واللامُتناهي... إنّه مُخطط إخلاء الذّات المُطْلَق والتّاريخيّ. يُمكِن معرفة شخصيته فقط في إطار مُخطط الخلاص.

يسعى زالْمَن إلى إعادة بناء ملامح المسيح مِن خلال "عدسات" خريستُولُوجيّات حديثة مُختلفة.

1. يسوع المسيح، مَن أنتَ بالنسبة لله؟

المسيح في منطق سرّ الظُّهُور Epiphany: شخص المسيح بِوَصْفه صُورة المُتعالي المُعرَّضة للتحوُّل والتغيير، وعلى أنّ حُرّيّة الإنسان هدية حُبّ ("هانز أُورز فُون بَالْتَازَار").

2. يسوع المسيح، مَن أنتَ بالنسبة للبشريّة؟

المسيح في منطق إنسنبويّ prophetic- human:: منطق وُجوده: المسيح بوصفه نموذجًا لحُرّيّةٍ مُحَرَّرَة ومُحَرِّرَة ("لِيُوناردُو بُوف" Leonardo Boff، "إدﭭارد سْكِيلِّيبِيكْس" Edward Schillebeeckx ، "هانز كونغ" Hans Küng).

3. مَن أنت في ذاتك؟ أنت القادر على كُلّ شيء!

المسيح في منطق أُونطُولوجيّ-مُتسامي، وقوانين المُصالحة بين الطبيعة والشخص، وبين اللامُتناهي والمُتناهي ضِمنَ بُنية سرّ شخص اللُّوغُوس Logos الجوهريّة: منطق التجسُّد. إشكالات لاهوتيّة: البتوليّة... ("تُومَّازُو الأَكْوِينِيّ"، "كَارْل رَاهْنِر").

4. يسوع المسيح، مَن أنت بالنسبة لنا؟

المسيح في منطق التاريخ العالميّ. مغزى الحَدَث الخريستُولُوجيّ الأُخْرَوِيّ، والتاريخ بمثابة عمليّة تحرير وتحرُّر وتناسُق وتناغُم... منطق القيامة ("بْرُونُو فُورتِه" Bruno Forte، "ﭭُولْفْهَارْت ﭘَانِنْبِرْغ" Wolfhart Pannenberg، "تِيَار دُو شَارْدَان" Teilhard de Chardin).

5. منطق الصّليب

المسيح على ضوء منطق التّحوُّل الدراماتيكيّ: أزمة النّزاع والصّراع والتبايُن بين الله والبشر، بين الحُرّيّة والحُبّ. إنّها نُقطة انطلاق عمليّة الفداء على ضوء سرّ البُنُوّة ("هانز أُورز فُون بَالْتَازَار"، "يُورْغِن مُولْتْمَن" Jürgen Moltmann).

6. منطق الرسالة

المسيح في منطق رُوحيّ-شامل: إلهام الرُّوح ووعاؤه، ومُمَثِّل العهد الجديد ("ﭭَالْتِر كَاﺴْﭙِر" Walter Kasper، "هِرِيبِرْت مُوهْلِن" Heribert Mühlen، هِيغِل).

خُلاصة

مبادئ المسيحية البُنيوية: يسعى زالْمَن إلى إعادة بناء اللاهوت والخريستُولُوجيّا، مِن خلال عملية إعادة تشكيل وصياغة وتفسير. مِن هُنا، لا يتردّد زالْمَن إطلاقًا في استخدام أيّ شكل مِن أشكال الفُنُون (مُوسيقيّون، رسّامون، شُعَراء...) مِن أجْل استيعاب السّرّ وإدراكه، وهُو لا يشعر أبدًا لا بالإحراج ولا بالخجل لطلبه المعونة مِن أيّ شكل من أشكال الثقافة!

ينطلق زالْمَن في اللحظة نفسها، كما في اللاهوت، مِن الثقافة والعبادة culture and cult (الرجاء الانتباه أنّ جذر الكلمة ومصدرها هو ذاته في اللُّغات المُشتقّة مِن اللاتينيّة)، ومِن الفلسفة واللاهوت، ومن حقائق الحياة الإنسانيّة ومُعطيات الوحي... يمزج كُلّ شيء ولكن مُمَيِّزًا، ويُمَيِّز بين كُلّ شيء ولكنْ جامِعًا ومُوحِّدًا... ليكون قادرًا على خلق فسيفساء، وصورة بديعة، ورُؤْية رائعة، ومشرقة، وناضرة، وواضحة، ومُمَنهجة، ومُهَنْدَمة، ومُرتَّبة، وأنيقة...!




[1]هذه هي سنته الأخيرة في التّدريس، سيعود بعدها إلى ديره في ألمانيا، ليتفرّغ للصلاة والتأمُّل والكتابة.
[2]في المسيحية، اللاهوت المنهجي أو اللاهوت العقائديّ هو فرع في علم اللاهوت المسيحي، هدفه صياغة منظومة منهجية وعقلانية ومنطقية ومتماسكة للديانة المسيحية وإيمانها ومعتقداتها وعقائدها.

الاثنين، فبراير 21، 2011

مُخْتَرِعُ النَّار


4

مُخْتَرِعُ النَّار


بَعْدَ سَنَوَاتٍ عَدِيدَةٍ مِنَ العَمَلِ، اكْتَشَفَ مُخْتَرِعٌ فَنَّ صُنْعِ النَّار.

فَحَمَلَ أَدَوَاتِهِ إِلَى مَنَاطِقِ الشَّمَالِ المُغَطَّاةِ بِالثُّلُوج، وَرَاحَ يُعَلِّمُ قَبِيلَةً فَنَّ صُنْعِ النَّارِ وَفَوَائِدَهِ.

اسْتَغْرَقَ الشَّعْبُ فِي هَذَا الاكْتِشَافِ الجَدِيدِ، حَتَّى إِنَّهُمْ نَسَوْا أَنْ يَشْكُرُوا المُخْتَرِعَ، الَّذِي رَحَلَ عَنْهُمْ يَوْمًا مِنْ دُونِ ضَجِيجٍ.

إِذْ إِنَّهُ كَانَ وَاحِدًا مِنْ أُولَئِكَ الأُنَاسِ النَّادِرِينَ المُتَّصِفِينَ بِالنَّبَالَةِ، وَالَّذِينَ لاَ يَأْبَهُونَ لاَ لِلْتَّبْجِيلِ وَلاَ أَنْ تَبْقَى ذِكْرَاهُمْ، فَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ رَغْبَةً سِوَى الشُّعُورِ بِالرَّضَى وَهُوَ يَرَى النَّاسَ وَقَدْ اسْتَفَادُوا مِنِ اكْتِشَافِهِ.

وَكَانَتِ القَبِيلَةُ التَّالِيَةُ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا حَرِيصَةً عَلَى التَّعَلُّمِ مِثْلَ الأُولَى.

غَيْرَ أَنَّ الكَهَنَةَ هُنَاكَ غَارُوا مِنْهُ وَخَافُوا أَنْ يُسَيْطِرَ هَذَا الغَرِيبُ عَلَى النَّاسِ، فَاغْتَالُوهُ.

وَلِكَيْ يُبَدِّدُوا الشُّكُوكَ كُلَّهَا عَنِ الجَرِيمَةِ، نَصَبُوا صُورَةَ المُخْتَرِعِ العَظِيمِ عَلَى مَذْبَحِ المَعْبِدِ الرَّئِيسِيِّ؛

وَقَرَّرُوا إِقَامَةَ طُقُوسٍ خَاصَّةٍ بِهِ، بِحَيْثُ يَبْقَى اسْمُهُ حَيًّا مُبَجَّلاً وَذِكْرُهُ يَدُومُ.

وَكَانَ هُنَاكَ حِرْصٌ كَبِيرٌ عَلَى أَنْ لاَ يُحْذَفَ أَوْ يُغَيَّرَ أَيُّ شَيْءٍ فِي هَذِهِ الطُّقُوسِ.

وَوُضِعَتْ أَدَوَاتُ صُنْعِ النَّارِ دَاخِلَ تَابُوتٍ، وَقِيلَ إِنَّهَا تَشْفِي جَمِيعَ الَّذِينَ يَلْمَسُونَهَا بِإِيمَانٍ.

وَأَخَذَ كَبِيرُ الكَهَنَةِ عَلَى عَاتِقِهِ مَهَمَّةَ كِتَابَةِ حَيَاةِ المُخْتَرِعِ.

وَأَصْبَحَ هَذَا الكِتَابَ المُقَدَّسَ، فِيهِ تَظْهَرُ مَحَبَّةُ المُخْتَرِعِ وَلُطْفَهُ، الْلَّذَيْنِ صَارَا مِثَالاً يَحْتِذِي بِهِ الجَمِيع،

وَقَدْ أُشِيدَ بِأَعْمَالِهِ المَجِيدَة، وَأَصْبَحَتْ طَبِيعَتُهُ فَوْقِ-البَشَرِيَّةُ مَوْضُوعَ إِيمَانٍ.

وَقَدْ حَرِصَ الكَهَنَةُ عَلَى تَنَاقُلِ الكِتَابِ مِنْ جِيلٍ إِلَى جِيلٍ،

مُفَسِّرِينَ مَعَانِي كَلِمَاتِهِ وَشَارِحِينَ مَغْزَى حَيَاتِهِ المُقَدَّسَةِ وَمَوْتِهِ.

وَرَاحُوا يُعَاقِبُونَ بِلاَ رَحْمَةٍ بِالمَوْتِ أَوْ بِالحِرْمانِ أَيَّ شَخْصٍ يَنْحَرِفُ عَنْ مَذْهَبِهِمْ.

وَانْشَغَلَ النَّاسُ بِهَذِهِ الشَّعَائِرِ الدَّينِيَّةِ،

بَيْدَ أَنَّهُمْ نَسَوْا تَمَامًا فَنَّ صُنْعِ النَّار.


مِنْ حَيَاةِ آبَاءِ الصَّحْرَاء:

جَاءَ الآبَاتِي لُوطُ لِعِنْدِ الآبَاتِي يُوسِف، وَقَالَ:

"أَبَتِ، وَفْقًا لِقُدُرَاتِي، حَافَظْتُ عَلَى فَرِائِضِي القَلِيلَةِ

وَصَوْمِي الصَّغِير، وَصَلاَتِي، وَتَأَمُّلِي، وَصَمْتِي المُتَأَمِّل؛

وَبِحَسَبِ إِمْكَانِيَّاتِي، فَقَدْ طَهَّرْتُ قَلْبِي مِنَ الأَفْكَارِ الشِّرِّيرَةِ.

وَالآنَ مَا يَجِبُ أَنْ أَفْعْلَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا؟

فَوَقَفَ الأَكْبَرُ سِنَّا لِلْرَّدِ.

وَمَدَّ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ

فَأَصْبَحَتْ أَصَابِعُهُ عَشَرَةَ مَصَابِيحَ مِنْ نَارٍ.

وَقَالَ: "هَذَا: تَحَوَّلْ كُلِّيًّا إِلَى نَار".

صلاة الضِّفدعة، الجزء 1

أنتوني دي ميلُّو