السبت، ديسمبر 05، 2009

من أنا؟


بيضة النسر


وجد رجلٌ بيضة نسر، ووضعها في عشّ قنّ الدّجاج.

فقّست البيضة في الوقت نفسه مع باقي البيض، فنما النّسر مع الصّيصان.
وتصرّف النّسر، طوال حياته، كما يفعل الدّجاج، ظانًّا أنّه واحد مِنهم.

فكان ينبش الأرض مُفتّشًا عن الدّيدان والحشرات. وكان يقرق ويقوقي، وكان يُحرّك جناحَيْه ليطير عدّة سنتميترات.

ومضت السُّنون، وشاخ النّسر كثيرًا.
وفي أحد الأيام، رأى فوقًا مِنه في السّماء الصّافية، طائرًا رائعًا، جليلاً أنيقًا،

يُحلِّق وسط تيارات الهواء الشّديدة، مُحرِّكًا بالكاد جناحَيْه الذّهبيَّيْن القويَّيْن.
فرفع النّسر الشّيخ نظرةً مُتعجِّبًا. وسأل: مَن هذا؟

فأجابه جاره: "إنّه النّسر، مَلِك الطُّيور، إنّه ينتمي إلى السّماء،
أمّا نحن فننتمي إلى الأرض، فإنّنا مُجرّد دجاج."
وهكذا عاش النّسر ومات دجاجةً، لأنّه ظنّ نفسه كذلك.

الوعي

أنتوني دي ميلُّو


الاثنين، نوفمبر 30، 2009

الإصغاء


موزة في الأُذن

لا تُحاول أنْ تُعلِّم خنزيرًا الغناء. فالنتيجة أنّك ستُضيّع وقتك وستُغضب الخنزير


تروي القصّة أنّ رجل أعمال دخل حانةً، وجلس هُناك، ورأى أنّ في أُذن جاره موزة- موزة في أُذنه.

ففكّر: "تُرى أليس مِن المُناسب أنْ أُنبّهه على ذلك. لا، ليس هذا شأني".
لكنّ الفكرة راحت تُراوده وتقضّ مضجعه.
وبعدما شرب كأسًا أو كأسَيْن، قال لجاره: "عُذرًا، ثمّة موزة في أُذنك."
فقال جاره: "ماذا؟"
فأعاد رجل الأعمال الكَرّة وقال: " هناك موزة في أُذنك."
فقال جاره ثانيةً: "ماذا؟"

فصرخ رجل الأعمال: "ثمّة موزة في أُذنك."

فقال الجار: "ارفع صوتك، ففي أُذني موزة!"


الوعي

أنتوني دي ميلُّو

السبت، أكتوبر 31، 2009

الطفولة


في كل طفل يسكن الله، إلى أن تُغيره مُحاولاتنا لقولبته فتُحوِّل الله إلى شيطان!


هناك فيلم جميل من إخراج الإيطالي فيديريكو فيلّيني عنوانه ثمانية ونصف

في أحد المشاهد: هناك أخ مسيحي وهو خارج في نزهة مع مجموعة من الصبيان تتراوح أعمارهم بين الثمانية والعشرة أعوام.

إنهم على شاطئ البحر، يتنزهون سائرين، في حين بقي الأخ في وراءهم ومعه من حوله ثلاثة أو أربعة منهم.

هناك يلتقون بامرأة أكبر منهم سنًّا، وهي عاهره، ويقولون لها: "مرحبًا."

فترد: "مرحبًا".

فيسألونها: "من أنت؟"

فتجيب: "أنا عاهرة".

إنهم لا يعرفون ما هي العاهرة، ولكنهم يتظاهرون بمعرفة الأمر.

ويبدو أن أحدهم كان على إطلاع أكثر بقليل من الآخَرين، يقول:

"العاهرة امرأة تقوم بأُمور معيَّنة، إذا دفعت لها".

فسألوه يطلبون: "وهل ستفعل هذه الأشياء، إذا دفعنا لها؟"

"ولِم لا؟" جاءت الإجابة.

فجمع الأولاد بعض المال وأعطوه لها، قائلين:

"هل ستقومين ببعض الأشياء الآن وقد دفعنا لك المال؟"

فأجابت: "بالتأكيد، وماذا تريدون منّي أن أفعل؟"

كان الشيء الوحيد الذي مرّ في ذهن الأولاد أن يجعلوها تخلع ملابسها.

فخلعتها.

وراح الأولاد ينظرون إليها، إذ لم يكن قد شاهدوا من قبل امرأة عارية.

ولكنهم لم يكونوا يعلمون أي شيء أخَر يطلبون منها، ثم سألوها: "هلا ترقصين؟"

فتُجيب: "بالتأكيد."

فتجمّعوا كُلّهم حوليها، وراحوا يُغنّون ويُصفِّقون وكانوا متمتّعين للغاية بينما العاهرة تتمايل رقصًا.

رأى الأخ كل هذا. فراح يركض على الشاطئ ويصرخ في وجه المرأة. وأعطاها ثيابها لترتديها.

ويُعلِّق الراوي قائلاً:

"في تلك اللحظة، عرف الأطفال الفساد لأوّل مرّة؛ حتى ذلك الحين كانوا أبرياء، رائعين".


الأحد، أكتوبر 25، 2009

التربية


001
"إنها تظن أني حقيقي"


جلست الأسرة في مطعم لتناول العشاء.

وبعد أنْ أخذت النّادلة أوّلاً طلبات الكبار، توجّهت إلى الطفل ذي السّبع سنوات.

وسألته: "ماذا تريد؟"

فنظر الصّبيّ حوله بحياء، وقال: "أريد هوت دوغ".

وقبل أن تتمكن النادلة من تسجيل الطلب،

تدخلت الأم قائلة: "لا تُعطِه هوت دوغ، بل ستيك مع بطاطا وجزر".

لكنّ النادلة تجاهلتها، وسألت الصّبي: "هل تريد الخردل أو كتش أب على الهوت دوغ؟"

"كتش أب"
وقالت النادلة وهي مُتوجّهة إلى المطبخ: "سيكون حاضرًا في دقائق".

وخيّم صمت مذهل عندما غادرت.

أخيرًا نظر الصّبي إلى جميع الحاضرين، وقال: "أتعرفون ماذا؟ إنّها تظنّ أنّي حقيقي! "


"كيف حال أولادك؟"
"كلاهما جيد جدًّا، شكرًا".
"كم عمرهما؟"
الطّبيب عمره ثلاث سنوات والمحامي خمسة.


صلاة الضِّفدعة، الجزء الثاني

أنتوني دي ميلُّو


الأحد، أكتوبر 11، 2009

زقزقة العصفور


زقزقة العصفور


كان التلاميذ مُفعمين أسئلة عن الله.

قال المُعلِّم: "الله هو غير المعروف وغير القابل للعلم.

وكل تصريح عنه،

وكل إجابة على أسئلتكم،

إنما هما تشويه للحقيقة."

فحار التلاميذ.

"فلِماذا إذًا تتكلّم عنه أصلاً؟"

فقال المُعلِّم: "ولِمَ يُغرِّد العصفور؟"

ليس لأن لديه تصريحًا، بل لأنّ لديه أُنشودة.


كلمات العلاّمة ينبغي أن تُفهَم.

أما كلمات المعلِّم فلا ينبغي أن تُفهم.

بل بالحري أن تُسمَع، كما يسمع المرء

صوت الريح تداعب الأشجار

أو خرير النهر

أو تغريد العصفور.

إنها تُوقظ في القلب شيئًا

ما هو أسمى وأرقى من أيّ معرفة.


زقزقة العصفور

أنطوني دي ميلُّو

الخميس، أكتوبر 08، 2009

العناد


الإصغاء


"آه! كم تغيّرتَ يا هنري! لقد كُنتَ طويلاً جدًّا، والآن وقد كبرت فقد أصبحت قصيرًا جدًّا.

وقد كُنتَ سمينًا جدًّا، والآن وقد كبرت فقد أصبحت نحيلاً جدًّا.

وقد كُنتَ أشقرًا وقد أصبحت أسمرًا جدًّا. فماذا حدث لك هنري؟"

فقال هنري: "أنا لستُ هنري، أنا جون."

فقال: "آه، يا إلهي، لقد غيّرتَ اسمك أيضًا."


كيف يُمكننا أنْ نجعل مِثل هؤلاء الأشخاص يُصغون؟


إنّ أصعب شيء في العالَم هُو أنْ نُصغي، أنْ نُبصر. فنحن لا نُريد ذلك.


الوعي

أنتوني دي ميلُّو


الاثنين، أكتوبر 05، 2009

"بماذا يُشبَّه الوعي؟"


مُتشرّد لندن


إنّه مِثل قصّة ذلك المُتشرّد في لندن، الّذي كان يستعدّ لقضاء ليلته.

فبعد أنْ حصل بصُعوبة على قطعة خُبز لوجبة طعامه، وصل إلى جسر على نهر التايمز، وكانت تُمطر رذاذًا ناعمًا، فتدثّر بمعطفه القديم البالي.

وبينما كان يستعدّ للنّوم، فجأةً توقّفت إلى جانبه سيارة رولس رويس.

ونزلت مِنها سيّدة شابّة جميلة، وقالت له: "سيّدي المسكين، هل تُخطّط لتقضي ليلتك على هذا الجسر؟"

فقال المُتشرّد: "نعم."

فقالت: "لا أقبل بذلك. فأنتَ ستأتي إلى بيتي وهُناك ستقضي ليلة مُريحة، وستحصل على عشاء فاخر." وأصرّت على ذلك حتّى صعد الرّجُل إلى السّيارة.

ثُمّ قادت السّيارة خارج لندن، ووصلت إلى مكان حيث تملك قصرًا واسعًا تُحيطه حديقة كبيرة.

وهُناك استقبلهما كبير الخدم، فقالت له السيّدة: "جايمس، استضف هذا الرّجُل في جناح الخدم وعامله بلُطف." وهذا ما فعله جايمس.

وبعد أنْ خلعت السيّدة الشّابّة ثيابها، وكادت تذهب للفراش، تذكّرت فجأة ضيفها لهذه اللّيلة.

فلبست عليها ثُمَ عبرت الرّواق إلى جناح الخدم.

ورأت ضوءًا خافتًا يخرج مِن الغُرفة حيث استُضيف المُتشرّد. فقرعت الباب بنُعومة وفتحته، فرأت الرّجُل مُستيقظًا.

فقالت: "ما المشكلة، سيّدي الطّيّب، ألَم تأكل وجبة جيّدة؟"

فقال: "سيّدتي، لَم آكل وجبة أفضل مِنها في حياتي كُلّها."

"وهل لديك تدفئة كافية؟"

فقال: "نعم، فالسّرير دافئ ومُريح."

ثُمّ قالت: "رُبّما تحتاج إلى قليل مِن الرّفقة. فلماذا لا تُزيح قليلاً إلى هُناك؟"

ثُمّ راحت تقترب مِنه، وبينما هُو يزيح،

سقط مُباشرة في نهر التايمز.


الوعي

أنتوني دي ميلُّو


الخميس، أكتوبر 01، 2009

تور أولفن: قصائد مختارة


سأتزوَّج ابنة الصَّائغ الميْتة





أقفُ تحت شجرة مِن الأيدي الجائعة
لا
أقفُ تحت لا شيء

أمضي إلى عُزلة
فارغة ومُطلقة
أقطعُ الصَّحراء ميلاً ميلاً
وآخِر مدينة
تركتُها خلفي مُنذ زمن

أمضي إلى شكٍّ كبير
أمضي إلى شكٍّ
يُزيحه شكٌّ أكبر.

لِمَ أقفُ صامتًا ولي فم
لِمَ أقفُ ساكنًا ولي قدمان
لِمَ لا أنظرُ ولي عينان
لِمَ لا أصرخُ وأنا غارقٌ في هذه التَّعاسة
لأنَّي مِن حجر.

هُناك شيء لا يُمكنني الوُصول إليه
لا أعرفُ ما هُو
أمدُّ يدي إليه
هواء هواء هواء
ما الَّذي تبحثُ عنه في السَّماء؟
أبحثُ عن صُورة نجمة لا وجود لها.
عليَّ الوُصول إلى العتمة
على الجانب الآخر
بعينيَّ الاثنتيْن
لكنْ مَنْ بوسعه
أنْ يرى الفرق
بين العتمة والخُضرة؟

مَن يُوجد ومَن لا يُوجد
الآن

تعيشُ الغابة
يُمكن التَّعرُّف إلى رائحتها
وسْط اللَّيل
الرِّيح يصفر فيكَ
فينا

هُنا كُلُّ ما تحتاج إليه

أرقدُ هنا
على الظَّهر
أشمُّ رائحة التَّوابل
الآتية مِن المومياءات
في الأعالي
على الجدار
يأتي الضّوء
مِن أحد الأيَّام
مِن أحد القُرون الغابرة.
إنْ كنتُ ميتًا
ما كان لي الآن
أنْ أعيش

مساء صيفيّ
ضوء يأتي مِن لا مكان.

هذا اليوم
ثمَّة تغيير طفيف
سيأتون
وسيُزيِّنونكَ بالصَّمت

لحظة الغداء
في الجحيم
الطُّيور تُغرِّد كالعادة

سأُسافر
إلى أريدو
وأُزيِّن جراري المكسورة
بصُورة حمراء لقرن الماعز
سأُسافر إلى أريدو
وأتزوَّجُ مِن ابنةِ الصَّائغ الميِّتة
وأجلسُ على عتبة الباب
مساءً
وأسمعُ ضحكة الجار
والذُّباب المفقوس حديثًا
حول وهج قنديل الزَّيت
نعم، الآن
أرى فجأة
شجرة الكستناء
في العتمة، تُفكِّر بالزُّهور البيض:
نحن تُراب.

تور أولفن Tor Ulven
(1953-1995)

كان شاعرًا نرويجيًّا. ويُعتبر واحدًا من أبرز الشعراء النرويجيين في حقبة ما بعد الحرب، وقد حصل على عدة جوائز أدبية كبرى مخصصة للأدب النرويجي.
تكوّنت أعماله الأولى من أبيات شعر معاصر حداثي تقليدي، وتأثرت بشدة بأندريه بريتون André Breton والحركة السريالية. في الثماننيات صار أكثر استقلالية، سواء في الأسلوب أم في المواضيع. تكوّنت مؤلفاته الأخيرة أساسًا من النثر. انتحر عام 1995 في أوسلو ، مسفط رأسه.


الأحد، سبتمبر 27، 2009

غُربة

غُربة

غريب أن يكون المرء غريبًا في بيته، ومن ثمّ يجد بيته في دار الغربة!

السبت، سبتمبر 26، 2009

لا تتغير!

52

لا تتغير!

بقيت لسنين عديدة عصابيًّا.

كنت قلقًا ومكتئبًا وأنانيًّا.

وما يفتأ الجميع يطلب مني أن أتغير.

فاستأت منهم، ثم وافقتهم، وأردت أن أتغير.

لكني بكل بساطة لم أقدر، بالرغم من كل ما بذلت من جهود.

وكان أكثر ما يؤلمني أن أقرب أصدقائي إليّ كان، مثل الآخرين، يلح علي لكي أتغير.

لذا شعرت بالعجز كمن وقع في فخ.

ثم، ذات يوم، قال لي:

"لا تتغير. أحبك كما أنت."

كان لكلماته وقع الموسيقى في أذنيّ:

"لا تتغير. لا تتغير. لا تتغير أحبك كما أنت."

فشعرت بارتياح، ودبّت فيّ الحياة.

وفجأة تغيرت!

وإني أعلم الآن أنه لم يكن في مقدرتي فعلاً أن أتغير،

إلى أن أجد من يحبني سواء تغيرت أم لم أتغير.

أتُراك تحبني هكذا، يا ألله؟

زقزقة العصفور

أنطوني دي ميلُّو

الجمعة، سبتمبر 25، 2009

الوعي

الصّحوة


هُناك قصّة تُروى عن راميرز Ramirez.

إنّه رجُل مُتقدِّم في السّن، يعيش في قصره المبني على تلّة.

كان راميرز ينظر مِن النّافذة (إنّه في الفراش لأنّه مشلول)، فيرى عدوّه. الّذي كان هُو الآخَر مُتقدِّمًا في السّن، ولذلك كان يتّكئ على عصا.

وكان عدوّه يصعد التّلّة على عصاه ببطئ ومشقّة.

وقد استغرق مِنه صُعود التّلّة نحو ساعتَيْن ونصف.

ولَم يكن باستطاعة راميرز فعل أيّ شيء، إذ كان الخدم في يوم عطلتهم.

وهكذا فتح عدوّه الباب، واتّجه مُباشرة إلى غرفة نومه، وأدخل يده في معطفه، وسحب مِنه مُسدّسًا.

وقال: " راميرز، لقد حان أخيرًا وقت تصفية حساباتنا."

فحاول راميرز كُلّ جهده ليُقنعه بالعُدول عن ذلك.

فقال: "هيّا، بورجا Borgia، لا يُمكنك فعل ذلك. فأنتَ تعرف أنّي لَم أعُد ذلك الرّجُل الّذي عاملك بالسُّوء، عندما كُنتَ شابًّا، مُنذ سنوات عديدة، وأنتَ لَم تَعُد ذلك الشّابّ. كفى."

فقال عدوّه: "آه، كلاّ، إنّ كلماتك المعسولة لن تردعني عن القيام بمُهمّتي الإلهيّة هذه. أُريد أنْ أثأر، ولن يُمكنك فعل أيّ شيء تُجاه ذلك."

فقال راميرز: "بلى! هُناك طريقة!"

فسأله عدوّه: "وما هي؟"

فقال راميرز: "أستطيع أنْ أستيقظ."

وفعل هذا واستيقظ!


عندما يقول لكم أحدهم: "ليس ثمّة أمر تستطيعون فعله تُجاه ذلك"،

تقولون: "بلى! هُناك طريقة! أستطيع أنْ أستيقظ!"

وبغتةً، لن تعود الحياة كابوسًا كما تبدو. استيقظوا!


الوعي

أنتوني دي ميلُّو

الاثنين، سبتمبر 21، 2009

أنا والآخَر

80

فَانْتَازِيَّا


"ما هو ألدُّ أعداء الاستنارة؟"

"الخوف".

"وما الذي يولِّد الخوف؟"

"التضليل".

"وما هو الضلال؟"

"أنْ تظنَّ أنَّ الورود حواليكَ هي أفاعٍ سامَّة".

"وكيف أقدر أنْ أنال الاستنارة؟"

"افتحْ عينَيْكَ وانظُرْ".

"ماذا؟"

"أنَّ هنا حواليكَ لا يوجد ولا حتَّى أفعى واحدة".


دَقِيقَةُ حِكْمَة

أنتوني دي ميلُّو

الجمعة، سبتمبر 18، 2009

طفلة عصابيّة؟

2

طفلة عصابيّة؟

كانت ماري الصغيرة مع والدتها على شاطىء البحر.

'ماما، هل لي أن ألعب بالرمال؟"

"كلا، عزيزتي. ستوسخّين ملابسك النظيفة.

"هل لي أن أخوض في المياه؟"

"كلا، فسوف تتبلّلين ويُصيبك البرد.

"هل لي أن ألعب مع الأطفال الآخرين؟"

"كلا، فستضيعين في الحشد."

'ماما، اشتري لي الآيس كريم."

"كلا، إنه سيّء لحنجرتك."

فراحت ماري الصغيرة تبكي.


فالتفتت الأم إلى امرأة كانت واقفة بالقرب منها، وقالت:

"بحق السماء! هل سبق لك أن رأيت مثل هذه الطفلة العصابيّة؟"

صلاة الضِّفدعة، الجزء 2

لأنتوني دي ميلُّو

الثلاثاء، أغسطس 11، 2009

صلاة الضِّفدعة

1

صلاة الضِّفدعة


كان الأخ برونو، ذات مساء، مُستغرِقًا بالصّلاة،

عندما أزعجه صوت نقيق ضفدعة.

وعلى الرغم من أنّه بذل جهودًا كبيرة، لكنّه لم ينجح في تجاهل هذا الضجيج. ففتح النّافذة وصرخ: "سكوت، إنّي أُصلّي".

ولأنّه كان قدّيسًا، أطاع الكُلّ على الفور أمره.

فسكتت كُلّ خليقة حيّة لتخلق جوّ الصّمت المناسب للصّلاة.

غير أنّ الأخ برونو عاد وتوقّف عن الصّلاة، ولكن هذه المرّة من صوت داخليّ كان يقول له: "رُبّما كان نقيق تلك الضّفدعة مرضيًّا لدى الله تمامًا مِثل المزامير الّتي تُصلّيها أنتَ".

فردّ برونو باستخفاف: "وما الّذي قد تجده 'أُذنا' الله جميلاً في صوت الضّفدعة؟"

ولكنّ الصّوت تابع يقول: "لماذا إذًا خلق الله صوتًا مِثل هذا؟"

فقرّر برونو أن يكتشف ذلك بنفسه.

فمدّ رأسه من النّافذة وأمر: "أنشدوا!" فصار الجوّ مليئًا بنقيق الضّفدعة، يرافقه صوت جميع الضّفادع في الجوار.

ووقف برونو ينصت بانتباه، وعلى الفور لم يعُد يسمع أيّ صخب، بل اكتشف أنّ تلك الأصوات، في الواقع، إذا توقّف عن الغضب، تُغْني صمت اللّيل.

وبفضل هذا الاكتشاف، دخل قلب برونو بتناغم مع الكون كُلّه،

وأدرك للمرّة الأُولى في حياته ماذا تعني الصّلاة.


صلاة الضِّفدعة، الجزء 1

لأنتوني دي ميلُّو